الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
: ما أخرجه الأئمة الستة [البخاري في "الصلاة - في باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى" ص 102، ومسلم في "استحباب رفع اليدين حذو المنكبين" ص 168.] عن سالم بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، قال: رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع من السجدتين، انتهى. قال في "الكتاب": وهذا محمول على حالة العذر، قال الطحاوي في "شرح الآثار [في "باب رفع اليدين في افتتاح الصلاة أين يبلغ بهما".]": إنما كان رفعهم الأيدي إلى المناكب لعلة البرد، بدليل أن وائل بن حجر لما روى الرفع إلى الأذنين، قال في حديثه: ثم أتيته من العام المقبل، وعليهم الأكسية والبرانس، فكانوا يرفعون أيديهم إلى المناكب، قال: فتحمل أحاديث المناكب على حالة العذر، وتتفق الآثار بذلك، واللّه أعلم. - الحديث الخامس: روى وائل، والبراء، وأنس، رضي اللّه عنهم أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - كان إذا كبر رفع يديه حذا أذنيه، قلت: - أما حديث وائل، فأخرجه مسلم في "صحيحه [في "باب وضع اليمنى على اليسرى تحت صدره" ص 173 - ج 1.]" عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل. ومولى لهم، أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه رأى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رفع يديه حتى دخل في الصلاة كبر، وصفّهما حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبر فركع، فلما قال: سمع اللّه لمن حمده، رفع يديه، فلما سجد، بيّن كفيه، انتهى. - وأما حديث البراء، فرواه أحمد [في "المسند" ص 303 - ج 4، والدارقطني:ص 110، والطحاوي: ص 115،وص 132.]. وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما". والدارقطني في "سننه"، والطحاوي في "شرح الآثار" كلهم من حديث يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا صلى رفع يديه حتى تكون إبهاماه حذا أذنيه، انتهى. زاد الدارقطني فيه: ثم لم يعد، وفيه كلام سيأتي في رفع اليدين. - وأما حديث أنس، فرواه الحاكم في "المستدرك". والدارقطني، ثم البيهقي في "سننهما [ص 326 - ج 1، والدارقطني: ص 132 في "باب ذكر الركوع والسجود"، وأخرجه البيهقي في "باب وضع اليدين قبل الركبتين" ص 99 - ج 2.]" من حديث العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس، قال: رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كبّر فحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم ركع حتى استقر كل مفصل منه، وانحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه، انتهى. قال الحاكم: إسناده صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له علة، ولم يخرجاه، انتهى. وقال الدارقطني: تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد، ثم أخرجه عن محمد بن الصلت [الظاهر منه أن الدارقطني أخرج حديث محمد بن الصلت بعد حديث العلاء، وليس كذلك، بل حديث محمد بن الصلت ذكره الدارقطني: ص 113 في "باب دعاء الاستفتاح" ] ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا افتتح الصلاة كبر، ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه، ثم يقول: سبحانك اللّهم وبحمدك. إلى آخرها، وقال: إسناده كلهم ثقات، وسيأتي قريبًا، قوله: وقال مالك: لا يجوز إلا بقوله: اللّه أكبر "يعني تكبيرة الافتتاح" لأنه هو المعقول، قلت: فيه أحاديث: منها ما رواه الترمذي في "جامعه" حدثنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه، ثم قال: اللّه أكبر، انتهى. وطوله في "باب وصف الصلاة [الترمذي في "باب ما جاء في وصف الصلاة" ص 40، مع بعض الاختصار، وشيء من المغايرة في الألفاظ، وابن ماجه في "باب رفع اليدين إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع" ص 63، وفي "باب افتتاح الصلاة" ص 58 أيضًا، وقال الحافظ في "الفتح" ص 180 - ج 2 : أخرجه ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة. وابن حبان، اهـ.]"، فرواه بالإِسناد المذكور، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى يحاذي منكبيه، ثم قال: اللّه أكبر، وركع، ثم اعتدل، فلم يصوب رأسه، ولم يقنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثم قال: سمع اللّه لمن حمده، ورفع يديه، واعتدل حتى رجع كل عظم في موضعه معتدلًا، ثم يهوي إلى الأرض ساجدًا، ثم قال: اللّه أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه، ثم ثنى رجله اليسرى، وقعد عليها، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلًا، ثم هوى ساجدًا، ثم قال: اللّه أكبر، ثم ثنى رجله وقعد، واعتدل حتى يرجع كل عضو في موضعه، ثم نهض فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه، حتى يحاذي بهما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة، ثم صنع كذلك، ثم ذكر أنه يقعد متوركًا، ثم يسلم، انتهى. وقال : حديث حسن صحيح، وينظر لفظ البخاري، فإن ابن الجوزي عزاه في "التحقيق" إليه بهذا اللفظ [قلت: فيما عزاه ابن الجوزي إلى البخاري مسامحة، فإن حديث أبي حميد هذا بطوله ليس في الصحيح إلا في موضع واحد في "باب سنة الجلوس" ص 114، وألفاظه ليس هكذا، واللّه أعلم.]. - حديث آخر، روى الطبراني في "معجمه [قال الهيثمي في "الزوائد" ص 104 - ج 2: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح، اهـ]" حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد حدثني إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع أن رجلًا دخل المسجد فصلى، فأخف صلاته، ثم انصرف، فسلم على النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال له: "وعليك السلام ارجع فصل، فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أُحسن غير هذا، فعلمني، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: إنه لا يتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يقول: اللّه أكبر، ويحمد اللّه عز وجل ويثني عليه، ويقرأ بما شاء من القرآن، ثم يكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع اللّه لمن حمده، حتى يستوي قائمًا، ثم يكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي، ثم يكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه، فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته"، انتهى. وهذا الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة [أخرجه أبو داود في "باب من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود" ص 132 - ج 1، والنسائي في "باب الرخصة في ترك الذكر في الركوع" ص 161 - ج 1، وفي "باب الرخصة في ترك الذكر في السجود" ص 170، و "باب أقل ما يجزئ به الصلاة" ص 194، والترمذي في "باب وصف الصلاة" ص 40.] لكن بلفظ: ثم يكبر ويحمد اللّه، في الأول، وقالوا في الباقي: ثم يقول: اللّه أكبر، وهذا عكس لفظ الطبراني فيه، واللّه أعلم. - حديث آخر، رواه الطبراني أيضًا في "معجمه" حدثنا حمد بن إدريس المصيصي. والحسين بن إسحاق التستري، قالا: ثنا أحمد بن النعمان الفراء المصيصي ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي [قال الهيثمي في "الزوائد ص 102: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف، اهـ.] عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الشمالي [في نسخة "اليماني".] رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يعلمنا "إذا قمتم إلى الصلاة فارفعوا أيديكم، ولا تخالف آذانكم، ثم قولوا: اللّه أكبر، سبحانك اللَّهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وإن لم تزيدوا على التكبير أجزأكم" انتهى. - حديث آخر، روى البزار في "مسنده" حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي ثنا يوسف بن أبي سلمة الماجشون ثنا أبي عن الأعرج عن عبيد اللّه بن أبي رافع عن علي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان إذا قام إلى الصلاة، قال: "اللّه أكبر، {وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي} [الأنعام: 79]."، إلى آخر الآية، وصحح البزار إسناده [قال الحافظ في "التلخيص" ص 81: إسناده على شرط مسلم، اهـ. وكذا في "الفتح" ص 180 - ج 2.]، قال ابن القطان في "كتابه": وتعيين لفظ: اللّه أكبر في الافتتاح شيء عزيز في الحديث لا يكاد يوجد حتى أن ابن حزم أنكره، وقال: إنه ما عرف قط [قال ابن حزم في "المحلى" ص 234 - ج 3: وقد ادعى بعضهم أن في الحديث: إذا قمت إلى الصلاة فقل: اللّه أكبر، قال علي: وهذا باطل ما عرف قط، ولو وجدناه صحيحًا لقلنا به، اهـ.] قال: وقد رواه البزار في "مسنده"، ثم ذكر حديث البزار المذكور بسنده ومتنه، وسكت عنه، وقد قدمنا نحوه عند الترمذي. والطبراني، واللّه أعلم. - حديث آخر، أخرجه البيهقي [في "باب كيفية التكبير" ص 16 - ج 2، وكذا الحديث الذي بعده.] عن سفيان عن عبد اللّه بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "إذا قال الإمام: اللّه أكبر، فقولوا: اللّه أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع اللّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". - حديث آخر، أخرجه البيهقي أيضًا عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: "إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم، وأقيموها، وسدوا الفُرج، فإني أراكم من وراء ظهري، فإذا قال إمامكم: اللّه أكبر، فقولوا: اللّه أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع اللّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن خير صفوف الرجال المقدم، وشرها المؤخر، وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدم" مختصر. - الحديث السادس: قال عليه السلام: - "إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة"، قلت: رواه أبو داود في "سننه [في "باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة" ص 117، وأحمد: ص 110.]" من حديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي عن زياد بن زيد السوائي عن أبي جحيفة عن علي أنه قال: السنة وضع الكف على الكف تحت السرة، انتهى. واللّه أعلم أن هذا الحديث لا يوجد في غالب نسخ أبي داود، وإنما وجدناه في النسخة التي هي من رواية ابن داسة [قال صاحب "العون" ص 275 - ج 1: ورواية علي المذكورة في الباب ليست إلا في نسخة ابن الأعرابي، اهـ. قلت: فهي في رواية ابن داسة. وابن الأعرابي كليهما، واللّه أعلم، قال صاحب "درهم الصرة" نقلًا عن "أطراف المزني": إن حديث "من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة" أخرجه أبو داود عن محمد بن محبوب عن حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد عن وهب بن عبد اللّه أبي جحيفة الشوائي عن علي رضي اللّه عنه، لكن هذا الحديث واقع في رواية أبي سعيد بن الأعرابي. وابن داسة. وغير واحد عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم، انتهى ما ذكره المزني، اهـ.]. ولذلك لم يعزه ابن عساكر في "الأطراف" إليه، ولا ذكره المنذري في "مختصره"، ولم يعزه ابن تيمية في "المنتقى [الذين اشتهروا بهذه الكنية من أهل العلم ثلاثة: فخر الدين بن تيمية، وهو المتقدم. وعبد السلام بن تيمية صاحب "المنتقى" وإياه يريد المخرج. وحفيده أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، وهو المشتهر في مشارق الأرض ومغاربها، صاحب التصانيف الكبثيرة: منها المنهاج وغيره، قلت: هو في النسخ الموجودة عندنا هذا الحديث معزو إلى أبي داود أيضًا، راجع له "نيل الأوطار" ص 78 - ج 2.]" إلا لمسند أحمد فقط. والنووي في "شرح مسلم" لم يعزه إلا للدارقطني. والبيهقي في "سننه" لم يروه إلا من جهة الدارقطني، ولم أر من عزاه لأبي داود إلا عبد الحق في "أحكامه"، ولم يتعقبه ابن القطان في "كتابه" من جهة العزو على عادته في ذلك، وإنما تعقبه من جهة التضعيف، فقال عبد الرحمن: ابن إسحاق هو ابن الحارث أبو شيبة الواسطي، قال فيه ابن حنبل. وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن معين : ليس بشيء، وقال البخاري: فيه نظر، وزياد بن زيد هذا لا يعرف، وليس بالأعسم، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده [ص 110 - ج 1، والدارقطني: ص 107، والبيهقي: ص 31 - ج 2]"، والدارقطني، ثم البيهقي من جهته في "سننهما"، قال البيهقي في "المعرفة": لا يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك، انتهى. وقال النووي في "الخلاصة - وفي شرح مسلم": هو حديث متفق على تضعيفه، فإن عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف بالاتفاق [هذا تهور منه، كما هو دأبه في أمثال هذه المواقع، وإلا فقد قال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" ص 35: وحسن له الترمذي حديثًا مع قوله: إنه تكلم فيه من قبل حفظه، وصحح الحاكم من طريقه حديثًا، وأخرج له ابن خزيمة من صحيحه آخر، ولكن قال: وفي القلب من عبد الرحمن شيء.]، انتهى. واعلم أن لفظة السنة يدخل في المرفوع عندهم، قال ابن عبد البر في "التقصي": واعلم أن الصحابي إذا أطلق اسم السنة، فالمراد به سنة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكذلك إذا أطلقها غيره ما لم يضف إلى صاحبها، كقولهم: سنة العمرين، وما أشبه ذلك، انتهى كلامه. - ، روى ابن خزيمة في "صحيحه [قوله: روى ابن خزيمة في "صحيحه" من حديث وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، اهـ. حديث وائل هذا ذكره كثير من أهل العلم، وعزوه إلى ابن خزيمة مع سكوت عن نسبة التصحيح، وصرح بعضهم بهذا أيضًا، كالشوكاني، وهو الذي لم ير هذا الكتاب قط، لأنه من الكتب التي ندرت، ثم افتقدت، فلم يسمع لها عين ولا أثر، إلا ما يسمع في "مكتبة ليدن" أن فيها مجلدين من صحيح ابن خزيمة، ولم يفز به من المحدثين إلا شرذمة قليلة: منهم البيهقي، فإنه قال في "السنن الكبرى" ص 93 - ج 1: قال الشيخ: وهذه الزيادة "أي زيادة وكذلك النووي استدل به للشوافع في "الخلاصة - وشرح المهذب - وشرح مسلم" ولم ينقل تصحيحه من ابن خزيمة، ولم يصححه هو بنفسه، مع أنه يصحح أمثال حديث حجاج بن أبي زينب في هذا الباب، وهو متكلم فيه، فاستدلاهما بحديث وائل بن حجر على مذهبهما، ثم سكوتهما عن التصحيح يهتدي به من رزق الهداية إلى أن فيه شيئًا يمنعهم عن الحكم بالصحة، واللّه أعلم. رحم اللّه ابن القيم نبههما على ما فيه، حيث قال في "إعلام الموقعين" ص 9 - ج 3: المثال الثاني والستون ترك السنة الصحيحة الصريحة التي روتها الجماعة عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فوضع يده اليمنى على اليسرى، ولم يقل: على صدره غير مؤمل بن إسماعيل، اهـ. وأصرح منه ما قال في "البدائع" ص 91 - ج 3: واختلف في موضع الوضع، فعنه: فوق السرة، وعنه: تحتها، وعنه: أبو طالب سألت أحمد بن حنبل أين يضع يده إذا كان يصلي؟ قال: على السرة أو أسفل، وكل ذلك واسع عنده إن وضع فوق السرة أو عليها أو تحتها، قال علي رضي اللّه عنه: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة، عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مثل تفسير علي، إلا أنه غير صحيح، والصحيح صهيب، وعلي، قال في رواية المزني: أسفل السرة بقليل، ويكره أن يجعلها على الصدر، وذلك لما روي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه نهى عن التكفير، وهو وضع اليد على الصدر، مؤمل بن إسماعيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وضع يده على صدره، فقد روى هذا الحديث عبد اللّه بن الوليد عن سفيان لم يذكر ذلك، ورواه شعبة، وعبد الواحد لم يذكرا خالفًا، كذا سفيان، اهـ. فكلام ابن القيم هذا أرشدنا إلى أمور: إن زيادة : على صدره، لم يذكرها إلا مؤمل عن سفيان عن عاصم بن كليب عن وائل بن حجر، وأن مؤمل منفرد من بين جماعة من أصحاب الثوري بهذه الزيادة، وأن ما سواه من أصحاب الثوري، وهي جماعة لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة، فهذه الزيادة عنده، وهم مؤمل، ثم ذكر في "بدائع الفوائد" أن السنة الصحيحة وضع اليدين تحت السرة، وحديث علي في هذا صحيح، وأن وضع اليدين على الصدر منهي عنه بالسنة، وهي المنهي عن التكفير. وقد ذكر قبل أن ابن القيم ينقل عن "صحيح" ابن خزيمة" أحاديث بأسانيدها، فلو كان عند ابن خزيمة بإسناد آخر أقوى من هذا لما قال ابن القيم ما قال، ولما سكت الحافظ. والنووي عن التصحيح مع احتياجهما إليه، فمن يدعي أن لرواية ابن خزيمة إسناد آخر غير هذا، فليذكر، لينظر فيه. وإني لم أطلع على الجماعة الذين رووا عن سفيان، ولم يذكروا زيادة: على صدره سوى عبد اللّه بن الوليد عند أحمد ص 318 - ج 4، إلا أن سفيان هذا هو الثوري، كان صرح به في "الإعلام" وهو من علماء الكوفة، مذهبه في هذا مذهب أبي حنيفة، وإسحاق بن راهويه معروف من وضع اليدين تحت السرة، كما صرح به النووي في "شرح المهذب" ص 313 - ج 3، وابن قدامة في "المغني" ص 519 - ج 1. وغيرهما، فلو كان عند الثوري حديث الصدر صحيحًا لما خالفه إلى غيره، واللّه أعلم. ثم مما يؤيد ابن القيم أن جماعة من أصحاب عاصم رووا هذا الحديث عنه، ولم يذكروا لفظ: على صدره: منهم شعبة عند أحمد: ص 319 - ج 4. وعبد الواحد، عنده: ص 316. وزهير بن معاوية: ص 318. وزائدة، عنده: ص 318. وعند أبي داود: ص 112. والبيهقي: ص 228 - ج 2. وبشر بن المفضل، عند أبي داود: ص 112، وابن ماجه: ص 59. وعبد اللّه بن إدريس، عند ابن ماجه: ص 59. وسلام بن سليم، عند الطيالسي: ص 137. وخالد بن عبد اللّه، عند البيهقي: ص 131 - ج 2، ولم يذكر واحد منهم: على صدره. وكذا روى موسى بن عمير عن عائشة عن وائل، عند أحمد: ص 316 - ج 4. والبيهقي: ص 28 - ج 2. والدارقطني: ص 117. وموسى بن قيس، عند النسائي: ص 141. وعبد الجبار بن علقمة. ومولى لهم، عند مسلم: ص 173. وعبد الجبار عن وائل بن علقمة عن وائل بن حجر، عند أبي داود: ص 112. وعبد الجبار عن أهل بيت وائل، عند البيهقي: ص 26، وعبد الجبار عن أبيه وائل، عند أحمد: ص 318، والدارمي: ص 146. وعبد الجبار. ومولى لهم عن وائل، عند البيهقي: ص 28 - ج 2، وص 71 - ج 2، كلهم ذكروا وضع اليمين على الشمال، ولم يذكر أحد منهم على صدره. (يتبع...) (تابع... 1): - الحديث السادس: قال عليه السلام:... ... فإن قيل: قال صاحب "العون" المباركفوري: أن ابن سيد الناس، ذكر حديث وائل في "شرح الترمذي" وقال: صححه ابن خزيمة، وذكر أن العلامة محمد قائم السندهي: اعترف أن هذا الحديث على شرط ابن خزيمة، قلت: حديث وائل له ألفاظ مختلفة لا شك في صحة بعضها، وإنما الكلام في زيادة: على صدره، والذي صححه ابن خزيمة، وذكر تصحيحه ابن سيد الناس، هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" ص 186 - ج 2 أيضًا، قال: وفي حديث وائل عند أبي داود. والنسائي، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ من الساعد، وصححه ابن خزيمة، اهـ. وأما حديث وائل مع زيادة: على صدره، فقال الحافظ في "الفتح" قد روى ابن خزيمة من حديث وائل: أنه وضعهما على صدره، والبزار: عند صدره، اهـ. ولم يذكر تصحيح ابن خزيمة لهذه الزيادة، لا في "الفتح - ولا في التلخيص - ولا في الدراية"، وكذا النووي لم يذكر في "شرح المهذب - ولا في الخلاصة - ولا في شرح مسلم" وكانا أحوج ما يكون إلى نقله، إذا احتجا لمذهبهما، فسكوتهما بيان أن ابن خزيمة لم يصرح بتصحيحه، واللّه أعلم. وأما من زعم أن إيراده في صحيحه دليل على أنه على شرطه، فهذا أيضًا ليس بصحيح، لأنا أوضحنا لك بالدليل أن دأبه في "صحيحه" دأب الترمذي. والحاكم، ألا ترى ينقلون التصحيح لكل حديث على حدة، فكما أن سكوت الترمذي. والحاكم لا يدل على الصحة، بل على الضعف" فليكن ابن خزيمة كذلك أيضًا، واللّه أعلم.فإن قيل: قال الحافظ في "الدراية" ص 70: حديث وائل بن حجر، قال: صليت مع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره، أخرجه ابن خزيمة، وهو في مسلم دون: على صدره، اهـ. واستدل به المباركفوري، بأن حديث ابن خزيمة بالإسناد والمتن موجود في مسلم بدون الزيادة: على صدره، وإسناد مسلم صحيح، فليكن إسناد ابن خزيمة كذلك، قلنا: هذه مغلطة وجور عن الطريق، لأنه لو ذكر المتن مع السند، ثم قال: هذا في مسلم لأمكن أن يقال: هذا، وإن لم يكن بينا في هذه الصورة أيضًا، لأنهم يقولون ذلك إذا اتحد المخرج مع باقي الإسناد، وأما إذا لم يمس الإسناد أصلًا، وذكر المتن، فكلا لا يراد به الإسناد في هذه الصورة، انظر إلى ما قال الحافظ في "الفتح" ص 186 - ج 2: وحديث وائل عند أبي داود. والنسائي، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ من الساعد، وصححه ابن خزيمة، وغيره، وأصله في مسلم بدون الزيادة، اهـ. فإن مفاد هذا القول بعينه مفاد ما استدل صاحب "العون"، ولكن لم يرد به الحافظ أن إسناد أبي داود. والنسائي هو إسناد مسلم من أوله إلى آخره، ولو سلمنا أن إسناد زيادة حديث وائل هو الإسناد الذي أخرج به مسلم، أصل الحديث. لكان هذا أدّلّ دليل على أن الزيادة غلط، وهم فيه الراوي، ولو ثقة، لأنا على يقين من أن شيخًا واحدًا من مسلم. وابن خزيمة لم يكن ليضن بهذه الزيادة عن مسلم، ويذكر عند ابن خزيمة فقط، فإذا طرح مسلم هذه الزيادة، وروى الحديث بدونها فليس هذا إلا لما علم أن الزيادة وهم، غلط فيه الراوي. قال ابن القيم في "الهدى" ص 96 - ج 1 مجيبًا عن اعتراض على مسلم روايته عمن تكلم فيهم: لا عيب على مسلم في إخراجه حديثه، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه، اهـ. بل قد يشير مسلم في "صحيحه" إلى ذلك أيضًا، كما قال في ص 151: في حديث حماد زيادة حرف تركنا ذكره، اهـ. فإن قيل: قال الشوكاني في "النيل": واحتجت الشافعية لما ذهبت إليه، مما أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" وصححه من حديث وائل قال: صليت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره، اهـ. قلت: لو سكت الشوكاني عن هذا كما سكت الحافظ ابن حجر. والنووي. وغيرهما ممن نقل هذا الحديث لكان أولى به، لأن الحافظ عنده أصل الكتاب، وملأ تصانيفه من تصحيحات ابن خزيمة، فلو صححها ابن خزيمة لنقلها، والشوكاني ليس عنده هذا الكتاب فلعله اشتبه عليه من قول ابن سيد الناس، أو ظن أن كل حديث أورده ابن خزيمة فقد صححه، وكيفما كان فقوله هذا كقوله في حديث ركانة، حيث قال: في ص 193 - ج 6، قال أبو داود : هذا حسن صحيح، وأنا لم نر هذا التصحيح في شيء من نسخ أبي داود، واللّه أعلم. فإذا رأى الحديث على مؤمل بن إسماعيل، وهو قد لينه غير واحد، قال الذهبي في "الكاشف": صدوق شديد في السنة كثير الخطأ، وقيل: دفن كتبه، وحدّث حفظًا، فغلط، وقال ابن حجر في "التهذيب": قال البخاري: مؤمل منكر الحديث، وقال ابن سعد: ثقة، كثير الغلط، وقال ابن قانع: صالح يخطئ، وقال الدارقطني: ثقة، كثير الخطأ، وقال في "التقريب": صدوق سيء الحفظ، فقال ابن التركماني في "الجوهر": قلت: مؤمل هذا، قيل: إنه دفن كتبه، فكان يحدث عن حفظه، فكثر خطأه، كذا ذكر "صاحب الكمال" وفي "الميزان" قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: كثير الخطأ. وقال أبو زرعة : في حديثه خطأ كثير، اهـ.]" من حديث وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره، انتهى. لم يذكر النووي في الباب غيره في "الخلاصة"، وكذلك الشيخ تقي الدين في "الإمام".
|